ردود فعل دولية واسعة حول تقرير الطاقة لعام 2023

 ردود فعل دولية واسعة حول تقرير الطاقة لعام 2023:

طارق فتحى عمار 

شبكة العمل المناخي: الحد من ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية لازال هدف ممكن... شرط التعاون المشترك من الحكومات نحو التكنولوجيات النظيفة والموفرة للطاقة والتخلص الكامل من الوقود الأحفوري

التقرير يحذر: خيارات الطاقة الحالية تدفع العالم نحو خطر ارتفاع درجة الحرارة إلي 2.4 درجة مئوية

ترحيب واسع شهده تقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2023 بين المنظمات والهيئات المهتمة بقضية تغير المناخ، في اتفاق واضح علي من حمله التقرير من تأكيد علي الحاجة إلى التخفيض التدريجي للوقود الأحفوري بسرعة، مع دعم التقدم السريع في طاقة الرياح والطاقة الشمسية. فضلا عن لفت الأنظار لأهمية تعزيز الاستثمارات الدولية وبخاصة زيادة التمويلات من دول الشمال العالمي ودورها في تسهيل الوصول إلي مصادر الطاقة المتجددة. ولم يخلو هذا الترحيب من التحفظ علي عدم الدعم لجهود التخلص الكامل والسريع من جميع أنواع الوقود الأحفوري. 


أكد تقرير الطاقة العالمي على إمكانية تحقيق حد ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية فقط، من خلال دعم سياسات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بشكل كامل في جميع أنحاء العالم في المقام الأول. بما يتضمن ذلك من ترويج لسيناريوهات القضاء على فقر الطاقة في دول جنوب العالم بحلول 2030. 

من جانبها رحبت شبكة العمل المناخي بدعوة وكالة الطاقة الدولية لتعزيز مصادر الطاقة المتجددة النظيفة والتعاون الدولي الهام، بما في ذلك التوسع الهائل في التمويل العام للدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. يقول الدكتور ستيفان سينجر كبير مستشاري علوم المناخ وسياسة الطاقة بالشبكة، " نؤيد بشدة النتائج التي توصلت إليها وكالة الطاقة الدولية والتي تقول إن التحول الهائل نحو التكنولوجيات النظيفة والموفرة للطاقة يتطلب زيادة هائلة في التمويل العام، وخاصة من جانب الدول الغنية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى البلدان الفقيرة." 

ويستطرد: "لكننا نأسف لأن وكالة الطاقة الدولية لا تدعو إلى التخلص التدريجي الكامل والعادل والسريع من جميع أنواع الوقود الأحفوري واقتصاد الطاقة المتجددة بنسبة 100٪." في إشارة الي استمرار دعم وكالة الطاقة الدولية لعمليات احتجاز الكربون وتخزينه من الوقود الأحفوري، وهو أمر غير آمن ومكلف للغاية. فضلا عن دعمها لمضاعفة الطاقة النووية عالميًا بحلول منتصف القرن باعتبارها سياسة خالية من الكربون. وهو أمر نرفضه – بحسب قول الدكتور سينجر- إذ تواصل شبكة العمل المناخي مع شركائها حول العالم من أجل دعم مستقبل يعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 100٪ دون استخدام الطاقة النووية.

من أهم النقاط الإيجابية في تقرير توقعات الطاقة العالمية لهذا العام دحض القول السائد بأن استمرار إنتاج الوقود الأحفوري هو أمر متوافقاً أو ضرورياً للتحول العالمي للطاقة. بل علي العكس ولأسباب اقتصادية ومناخية على السواء، يشكل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري عنصراً ضرورياً في التحول الحتمي نحو مصادر أكثر نظافة وأمنا علي البيئة. 

وهو ما جعل السيدة أميرة سواس، رئيسة قسم الأبحاث بمبادرة معاهدة منع انتشار الوقود الأحفوري، تطالب الحكومات بتبني وتفعيل معاهدة عدم انتشار الوقود الأحفوري، من خلال وتفعيل خطة مضاعفة جهود التعاون الدولي من أجل الإلتزام بهدف 1.5 درجة مئوية، ودعم الدول في التحول لإنتاج للطاقة المتجددة بدلا من الاعتماد علي الوقود الأحفوري. 

مضيفة أن التقرير الجديد يقدم المزيد من الأدلة العلمية والإرشادات لصناع القرار الذين سيجتمعون الشهر المقبل في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) في دبي، مع استمرار تصاعد الكوارث المناخية. وهو ما يعني أن الوقت قد حان للمجتمع الدولي ككل أن يتبع قيادة البلدان الثمانية المنضمة بالفعل لمعاهدة الوقود الأحفوري، بوصفها الآلية القانونية التي ستمكننا من تحويل المرحلة الانتقالية إلى فرصة لمستقبل آمن ومستدام وعادل للجميع.  


وهكذا يبدو أن لدينا الآن كل ما نحتاجه لحل هذه الأزمة لكن الأمر يتوقف على تحرك الحكومات بشجاعة لوضع خطة سريعة وعادلة لإنهاء استخدام الوقود الأحفوري الذي يدمر المناخ. وذلك بحسب قول السيدة كايسا كوسونين، منسقة السياسات بمنظمة السلام الأخضر الدولية، قائلة "ولابد أن تكون أولوية مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ هذا العام التوصل إلى اتفاق عالمي لإنهاء استخدام النفط والفحم والغاز بشكل عاجل وعادل، بدءاً بالإنهاء الفوري لكل مشاريع الوقود الأحفوري الجديدة." 

وعلي الرغم من النقاط المضيئة التي تضمنها تقرير وكالة الطاقة الدولية بما في ذلك النمو الكبير في الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية خلال السنوات الأخيرة. لكن لايزال هناك توسع متواصل في استخدام الفحم والنفط والغاز على مستوى العالم، وهو ما يتعارض مع أهداف مواجهة تغير المناخ. وهو التحذير الذي قدمه التقرير لافتاً إلي أن استمرار الوضع الحالي لخيارات الطاقة يدفع العالم إلى نحو مستقبل خطير تبلغ فيه درجة الحرارة زيادة مقدارها 2.4 درجة مئوية، وذلك في ظل غياب التحرك المتضافر من جانب صناع السياسات والحكومات المعنيين. 

وتؤكد راشيل كليتوس مديرة السياسات ببرنامج المناخ والطاقة التابع لاتحاد العلماء المعنيين، إن الالتزام بخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بشكل جاد حتي عام 2050، هو أمر بالغ الأهمية للحد من وتيرة وحجم التغير المناخي، الذي يتسبب بالفعل في خسائر مخيفة على حياتنا في جميع أنحاء العالم.

ويأمل المهتمين بالعمل المناخي بانعكاس لنتائج هذا التقرير خلال مناقشات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP-28. من خلال الدعوة لاتفاق بشأن التخلص التدريجي السريع والعادل من الوقود الأحفوري، إلى جانب زيادة التحول للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. مع مطالبة الدول الأكثر ثراء- بما في ذلك الولايات المتحدة- للوفاء بواجبها نحو توفير التمويل اللازم للدول النامية من أجل دعم جهودها في التحول السريع إلى الطاقة النظيفة. 


ليست هناك تعليقات